الأربعاء 04 أكتوبر 2023 -- 4:28

التنمية غائبة بالميلية وأحلام  آلاف الشباب في مهب الريح  رغم ثقلها الاقتصادي وموقعها الجغرافي بولاية جيجل 

Want create site? Find Free WordPress Themes and plugins.

رغم أنها البلدية الثالثة بعاصمة الكورنيش  بثقل جغرافي كبير وأهمية اقتصادية متميزة إلا أن بلدية الميلية بولاية جيجل لاتزال ترزح تحت وطأة التخلف الذي فرضته عليها سنوات طويلة من سوء التسيير وغياب الرشادة في التحكم في المواد المالية الكبيرة التي استفادت منها هذه الأخيرة على مدى عقود من الزمن وتحديدا منذ بداية الألفية الجديدة ما جعلها تتحوّل إالى مثال حي بالولاية 18 في المشاكل والاحتجاجات  التي أرّقت حياة سكانها ودفعت الكثير منهم الى مغادرتها للبحث عن حياة أفضل بمناطق أخرى.

م.مسعود

فمن وسط المدينة مرورا بالشارع الكبير فلمريجة ، بومهران ، حي زاهر وبقية أحياء الميلية الكبرى تصطدم أعين زوار المدينة الثالثة بجيجل   بأحيائها وتجمعاتها السكنية المترامية الأطراف بصوّر مقززة لشوارعها وأزقتها   الغارقة في التخلف ..، تخلف  تعكسه حالة طرقاتها المهترئة والتي تغطيها الحفر والأوحال وهموم مواطنيها الذين لاحديث لهم سوى عن مصير هذا المشروع أو ذاك في غياب أجوبة شافية من القائمين على شؤون هذه البلدية التي لم تشفع لها المنشآت الضخمة التي تحتضنها لإستعادة وجهها المشرق ومعانقة عهد  التقدم والنماء على كافة الأصعدة والمستويات .

الميلية مدينة الألف حفرة وحفرة

ولعل أهم مايلاحظه الزائر لثالث مدينة بجيجل هو حالة الطرقات التي توجد في عمومها في وضعية كارثية في ظل اهتراء أغلبها وتحولها الى مايشبه الشعاب بعدما جرفت الأمطار والمياه المتدفقة أغلب مقاطعها في حين أتت مشاريع البنية التحتية على بعضها الآخر من خلال إزالة طبقتها المزفتة وتركها على تلك الحال دون أن تكلف المقاولات التي قامت بإنجاز بعض المشاريع من قبيل تجديد شبكة الصرف الصحي وكذا مد قنوات المياه وإعادتها الى سابق عهدها متجاهلة ماينص عليه دفتر الشروط الذي منحها حق الإستفادة من هذه المشاريع لتتحول طرقات الميلية الى مطبات وأخاديد تصنع ديكورا مقرفا كما تسمم يوميات أصحاب المركبات وحتى الراجلين الذين باتوا يجدون صعوبات في اجتياز بعض المقاطع حتى سيرا على الأقدام .

مشاريع تنطلق ولاتنتهي

كما تحولت مدينة الميلية ورغم توالي العديد من الوجوه على رئاسة مجلسها البلدي  إلى مثال حي للإستهتار بمشاعر المواطنين وأحاسيسهم كيف لا وهي التي انطلقت بها الكثير من مشاريع البنية التحتية بغرض تحسين محيطها الحضري والإرتقاء بهذه الأخيرة الى مصاف المدن العصرية بما يتماشى مع أهميتها الإقتصادية والديمغرافية غير أن الملاحظ هو أن أغلب المشاريع التي كتب لها الإنطلاق لم تنته ومنها من توقفت في منتصف الطريق في حين  توقفت بعضها  في بداية السكة وقليلة  فقط تلك التي وصلت الى محطتها الأخيرة  على الرغم من الأغلفة المالية الهامة التي سخرت لإنجاز هذه المشاريع وماصاحبها من ضجيج لم يكن في الحقيقة سوى جعجعة دون طحين .

المشاريع السكنية لغز آخر 

ملف آخر بات يصنع تعاسة سكان الميلية ويكاد يتحوّل الى محور الإهتمام الأول بالنسبة لهؤلاء  وهو ملف السكن الذي لايكاد يخلو حديث اثنين بمقاهي وساحات المدينة منه في ظل ماتعيشه البلدية من أزمة سكن غير مسبوقة حتمت على الكثيرين تأجير بيوت لستر عائلاتهم فيما لجأ آخرون من أصحاب الدخل الضعيف وما أكثرهم الى بيوت الصفيح كحل أخير في انتظار موعد الفرج الذي بدا بعيدا في ظل تعطل معظم المشاريع السكنية التي استفادت منها البلدية سواء ضمن صيغة الإجتماعي أو حتى في بقية الصيغ الأخرى من قبيل الترقوي المدعم وحتى صيغة عدل حيث لم تنطلق الأشغال بمعظم السكنات التي استفادت منها بلدية الميلية ضمن الصيغتين الأخيرتين مما ضاعف من حدة أزمة السكن بهذه الأخيرة لتحتل الصدارة بين بلديات الولاية فيما يتعلق بعدد الطلبات  المودعة في  مختلف الصيغ السكنية .

 50 بالمائة من شبان البلدية في حالة بطالة

ولعل مايقال عن السكن ووضعية البنية التحتية يمكن أن يقال عن قطاع التشغيل الذي تحوّل بدوره الى لغز يقض مضاجع سكان بلدية الميلية وتحديدا فئة الشباب التي دفعت أكثر من غيرها ثمن تراجع فرص الشغل بهذه الرقعة الواسعة من ولاية جيجل ، حيث تشير الإحصائيات شبه الرسمية الى تواجد زهاء ال 50 بالمائة من شبان البلدية دون وظيفة رسمية أو بالأحرى دون عمل قار حيث يشتغل أغلب هؤلاء في مناصب مؤقتة ووظائف موسمية سيما في  بعض القطاعات التي تمنح فرص شغل بصفة متقطعة وغير مستمرة كما هو الحال بالنسبة  لقطاعي البناء والتجارة وبدرجة أقل الأشغال العمومية ، في حين يكابد السواد الأعظم من شبان البلدية وتحديدا خريجي الجامعات ويلات البطالة المزمنة التي دفعت بالكثير منهم الى سلك طريقة الهجرة سواء نحو الخارج أو حتى نحو بعض الولايات الجزائرية بحثا عن وظيفة تنهي معاناتهم مع التسكع وجلسات المقاهي .

مصنع بلارة  …الجبل الذي تمخض فولد فأرا

ولطالما علّق شبان وبطالو بلدية الميلية آمالا عريضة على بعض المنشآت الضخمة التي استفادت منها بلديتهم وتحديدا مصنع بلارة  للحديد والصلب الذي أنجز بشراكة جزائرية قطرية على مستوى المنطقة الصناعية حيث كان أغلب شبان بلدية الميلية يراهنون على هذه المنشأة من أجل الحصول على مناصب شغل وتوديع عالم البطالة غير أن هذا الحلم تحوّل على حين غرة الى كابوس مروّع بعدما تبخرت أحلام المئات ان لم نقل الآلاف من هؤلاء في الحصول على مناصب شغل بهذا المصنع الذي تحول كما قال كثيرون الى ذلك الجبل الضخم الذي تمخض فولد فأرا صغيرا بدليل أن عدد المناصب التي استفاد منها شبان وبطالو بلدية الميلية بعد فتح هذا المصنع لاتكاد تذكر قياسا بالأعداد الهائلة من البطالين الذين كانوا ينتظرون فرصتهم بهذا المصنع والذين دفع بهم اليأس الى اقامة وقفات احتجاجية بمدخل المصنع من أجل المطالبة بمناصب شغل  ، كما أن الأرقام التي تقدمها وكالة التشغيل بشأن عدد بطالي الميلية الذين تم توظيفهم بالمصنع لاتعكس برأي الميليين الواقع ولاتتطابق تماما مع الأرقام  الحقيقية لأبناء البلدية الذين وظفوا فعلا بهذه المنشأة الصناعية .

الولاية المنتدبة ومبلغ الألف مليار حلم آخر تبخّر

ولايمكن أن تجلس مع شاب أو كهل أو حتى شيخ بمقاهي وساحات الميلية دون أن يحدثك عن مشاريع أو وعود تبخرت في لمح البصر وتحولت الى سراب بهذه المنطقة بعدما كان يعلق عليها أبناء البلدية آمالا كبيرة لتحسين ظروفهم ومن ذلك مشروع الولاية المنتدبة الذي صنع الحدث بمنطقة الميلية خلال الأشهر والأعوام  الماضية حيث كان سكان الميلية يراهنون على تحويل هذه الأخيرة الى ولاية منتدبة وفق التسريبات التي لطالما جاءتهم من مواقع صنع القرار بالعاصمة ومن ثم الحصول على مشاريع وأموال يمكن أن تضع حدا للوضعية البائسة التي تعيشها بلديتهم وتنقلهم من حال الى حال غير أن هذا المشروع سرعان ماتأكد بأنه لم يكن سوى أضغاث أحلام شأنه شأن الغلاف المالي الذي قيل بأن بلدية الميلية ستتحصل عليه في اطار برنامج اعادة تأهيل الولاية والمقدر بأكثر من ألف مليار ،،، مبلغ قيل بشأنه كلام كثير خلال الزيارة التي قادت وزير الداخلية السابق نور الدين بدوي الى ولاية جيجل قبل أكثر من سنة حتى أن البعض وصفه بمشروع « مارشال» الذي سيخرج الميلية من تخلفها بل وسيمهد الطريق لإدراجها ضمن قائمة  الولايات المنتدبة التي تقرر استحداثها من قبل الحكومة غير أنه لاشيء من هذه الوعود تحقق ليتبخر الحلمان معا في لمح البصر .

حي تابريحت …الجرح النازف في قلب الميلية

كما لايمكن أن تدخل الميلية من الجهة الغربية  دون أن تمر على حي تابريحت الذي تحوّل الى عنوان عريض للمعاناة بهذه البلدية حيث يعيش العشرات من سكان هذا الحي الرعب من سنوات بعدما تداعت عماراتهم المتصدعة وأضحت آيلة للسقوط على رؤوسهم في أي لحظة ، ورغم الاحتجاجات التي قام بها سكان هذا الحي الشعبي والتي بلغت حد غلق الطريق الوطني رقم 43 والمبيت في العراء تحت الصقيع والبرد القارس الا أن كل هذا لم يشفع لسكان العمارات المهددة الذين عاشوا أياما صعبة بعد الهزة التي ضربت الولاية قبل أكثر من شهر وماتبعها من هزات ارتدادية نزعت النوم من عيون سكان مابات يسمى بعمارات الموت ليتحول حي بوتياس الى جرح نازف في قلب البلدية الثالثة بجيجل الى اشعار آخر .

غياب الأمن وتفشي الجريمة مشكلة أخرى تقض مضاجع السكان

وكان من الطبيعي أن يساهم مشكل البطالة وتردي الإطار المعيشي لسكان الميلية في تفشي مختلف الظواهر المشينة بالمحيط الحضري لهذه الأخيرة وبالأخص الجريمة التي تعرف معدلاتها ارتفاعا كبيرا بمختلف أحياء ومناطق هذه الأخيرة وهو ماتوثقه مختلف التقارير الأمنية وحتى الإحصائيات التي تقوم بها مختلف الجهات المهتمة  بالشأن الميلي وهذا دون الحديث عن إرتفاع معدلات تعاطي الممنوعات وسط  شبان المنطقة بكل ماترتب عن ذلك من مشاكل وتحديات في وجه مختلف الأسلاك الأمنية المكلفة بمحاربة مختلف التجاوزات وإرساء الأمن والسكينة وسط أحياء البلدية المترامية الأطراف .

عندما يتحوّل اسم الميلية إلى المنسيّة 

ونحن نغادر الميلية في يوم اعتبره فلاحو المنطقة سعيدا بعدما عادت السماء لتمطر على المنطقة وتنهي أشهر من الجفاف الطويل التقينا بشابين في عمر الزهور أبيا إلا أن يدليا بدلوهما فيما تعيشه بلديتهم من تخلف ومشاكل يشيب لها الولدان ، ولم يفت الشابان أن يذكرا بما فعله اليأس ببعض أبناء المنطقة حتى أن هؤلاء غيروا اسمها من الميلية الى المنسية في اشارة النسيان الذي كابده سكان هذه المنطقة على مدار عقود من الزمن  وحالة التجاهل التي جوبهت بها معظم انشغالاتهم ولاغرابة يقول هذان الشابان اذا احتلت الميلية المرتبة الأولى على قائمة المدن الجيجلية في مجال الهجرة السرية التي غدرت بمئات الشباب وأعادتهم الى عائلاتهم  محمولين فوق النعوش .

Did you find apk for android? You can find new Free Android Games and apps.

مقالات ذات صله